كلمة عزيزة جلود في رابطة سجناء تدمر

اجتمعت رابطة سجناء تدمر في 28 ديسمبر 2014، وفيها ألقت عزيزة جلود هذه الكلمة. هنا

“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي وأخواتي الأعزاء
الحمد لله الذي جمعنا ونحن ننعم بالحرية بعدما اجتمعنا في سجون الظلّام
الحمد لله الذي أطال في عمرنا لنرى ثأر الله للمستضعفين والشهداء الذين قضوا في السجون بصمت ولم يطالب أحد بحقوقهم أو يروي للناس قصصهم
الحمد لله الذي حفظنا لنكون شهداء عن مآساة العصر سجن تدمر
قد يكون وجهُ كلٍ منكم رأيته من خلال ثقوب الأبواب الحديدية أو هو قد رآني
من الفرع العسكري بحلب حتى ثكنة هنانو وسجن المسلمية وسجن التحقيق العسكري بدمشق
كان الألم يعتصر قلبي وأنا أسمع آنات ِوصرخات ِالمعذبين منكم كنت أتمنى أن أصرخ وأُسمع العالم صراخي أن تعالوا انظروا ماذا يحدث هنا ولكن أتذكر يومَ القيامة ونارَ جهنم فأحمد الله تعالى على عدله الذي جعل ذلك اليوم ليأخذ كل مظلوم حقه من الظالم
كنت أحاول أن أناقش السجانين بما يفعلونه وأعرف أن تلك الحوارات تصل بتقارير للفروع الأمنية لعلي أوقظ جزأً من الضمير الميت لديهم ولكن هناك من غرس في عقولهم الحقد والإجرام فأنكفئ إلى ذاتي محطمة ونار الثأر تغلي في كل كياني
كيف أنسى ليالي التسفير لسجن تدمر وسجون دمشق وما أكثرها
كيف أنسى عذابَكم أثناء تلك الرحلات
لم أنس أي صغيرة أوكبيرة لأني كنت أجترها بيني وبين ذاتي كي لا أنساها ليأتي يوم وأرويها للأجيال القادمة
كنت اغمض عيني بعد أن يسفروكم للسجون البعيدة
محاولة الإحتفاظ بصور وجوهكم كي لا أنساهم ولكن الزمن غيّر تلك الوجوه فلم أعد أستطع التعرف عليها فمن شاب بالعشرين والثلاثين لرجل بالخمسين والستين
لا أستطيع أن أصف سعادتي بوجودي بينكم وأنتم أحرار
لقد تاهت الحروف والكلمات مني ولم أستطع أن أجد مايعبر أو مايصف هذا اللقاء
حتى في أعظم حالات التفاؤل لم يخطر ببالي أنه سيأتي يوم نلتقي به جميعاً احرار
لقد حاولت أن أسجل كل مادار وماحصل من جرائم وتعذيب رأيته يمارس على السجناء لم أستطع لأن القلم عجز عن وصف ذلك ولأني سأعيش تلك اللحظات مرة ثانية بألمها وعذابها لتكون صورة حقيقية عما حصل
إخوتي وأخواتي

إن أقذر شيئ ابتدعه الإنسان هو السجن
وأحقر كائن هو السجان
وأظلم بشر ذلك الذي يمسك بيده سوطاً يعذب أسيراً لم يعد يملك من أمره شيئ
الثورة الآن هي ثورتنا ولن نتخلى عنها وسوف نقف مع إخوتنا وأولادنا وأهلنا بكل مانملك ومانستطيع لتنتصر ونستطيع التخلص من هذا النظام المجرم
ولقد وعدنا الله في كتابه العزيز
ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين
هذا وعد الله لنا وعسى أن يكون قريب
وأدعو كل واحد منكم أن يكتب ويسجل معاناته في سجون الطاغية لتكون تاريخاً يحكي قصة شعب عذب فقط لأنه قال لا لحكم الطغاة والظلمة ولأنهم قالوا ربي الله لاشريك له له الحكم وإليه الأمر

معاً يا إخوتي لنصرخ بصوت عال ليصل كل أنحاء المعمورة لا للإعتقالات التعسفية
لا للتعذيب مهما كان سببه
نعم للقانون نعم للعدالة حسب شرع الله وماوصى به رسولنا الكريم
إن الذي يحمل سوطاً يضرب الناس بدون حد من حدود الله فهو لايدخل الجنة ولايشم ريحها وإن ريحها لتشم من مسيرة ألف عام
إخوتي أشكركم جميعاً وأشكر القائمين على المؤتمر على دعوتهم لي بمشاركتكم هذا الجمع المبارك ووفقكم الله وجعل كل ما لاقيتموه من عذاب في ميزان حسناتكم يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>