شهادتى عن ما رأيته اليوم فى مشرحة زينهم لجثث ضحايا أبو زعبل +18

الشاهد: أسامة المهدي

الحدث وتاريخه: ضحايا عربة الترحيلات إلى سجن أبوزعبل 18/8/2013

زمان الشهادة ومكانها: 19/ 8/ 2013_ 10:00 ص إلى ما قبل 04:00 عصرا، مشرحة زينهم

النشر الأول وتاريخه: نوتة، الصفحة الخاصة على فيس بوك ، 19 أغسطس 2013، 06:30 م

تواجدت اليوم فى مشرحة زينهم حوالى الساعة العاشرة صباحاً، بعد أن علمت بوصول جثامين ضحايا أبو زعبل للمشرحة، وخاصة بعد أن علمت أن من بينهم صديقى شريف صيام، وذلك للرصد والتوثيق ومساعدة الأهالى فى إنهاء الإجراءات، والوقوف بجوار أهل صديقى. حاولت منذ وصولى المشرحة الدخول للتعرف على جثة صديقى ومناظرتها، ولكن رفض الموظفين ذلك، وبعد نقاشات استطعت دخول المشرحة أنا وأخو صديقى.

عندما سألت الموظفين عن جثامين ضحايا أبو زعبل، قيل لى أنها الموجودة بالطرقات وحتى الثلاجة العمومية، مشينا نبحث بين الجثامين الملقاة فى الطرقات، وأول ما لحظته هو انتفاخها وخاصة الوجوه التى كان لونها أزرق داكن يُقارب السواد، حتى وصلنا إلى جثمان شريف، وتعرفت عليه أنا وأخوه محمد، والذى أخذ يُقبل قدميه، وقمت أنا بالتركيز فى مناظرة جثته، والتى بدا عليها الانتفاخ وخاصة الوجه الذى اكتسى باللون الأزرق الداكن المقارب للسواد، ولم ألاحظ أى آثار تعذيب على جثمانه -التى بدت شديدة البياض- كما لم ألاحظ وجود طلق نارى أو جروح قطعية، باستثناء فتح التشريح الذى قام به الأطباء الشرعيون من الصدر وحتى منتصف البطن والذى لم يكونوا قد قاموا بخياطته بعد فبدت أمعاءه خارج بطنه. انهمكت بعد ذلك فى الخروج بمحمد أخو شريف والذى انتابته حالة من الانهيار والهياج، حتى خرجت به خارج المشرحة وقمنا بتهدئته.

سمعت صياح بعض الأهالي عن أنهم رأوا جثث ذويهم محترقة. نشرت تغريدة عبر تويتر عن وصف الجثث التى رأيتها وطلبت إفادة الأطباء عمّا إذا كان هذا الوصف ينطبق على حالت الاختناق أم لا. طلب منى البعض نشر صور للضحايا حتى يتمكنوا من إفادتنا أن يكون ذلك بسبب اختناق من عدمه. بعد محاولات استطعت دخول المشرحة مرة أخرى، وقمت بتصوير ثلاثة جثامين، وكان من الممكن أن أصور باقى الجثامين التى كانت موجودة فى هذا الوقت (من 15 : 20 جثة) ولكن لم أقم بذلك؛ لبشاعة الصور وحرمة الموتى، وأن ثلاثة صور تكفى للتوثيق. قمت بالتركيز فى الجثامين وخاصةً الوجوه واستطعت أن أُميز أن اللون الداكن فى الوجه وفى منطقة الصدر فى بعض الجثث ليس نتيجة احتراق أو تفحم ، ولم ألحظ وجود طلق نارى بأي جثة من الجثث التى رأيتها (من 15 : 20 جثة) باستثناء جثة واحدة كان بها جرح قطعى بفروة الرأس وقمت بتصويرها. لم أكن الوحيد الذى قمت بالتصوير، فقد رأيت آخرين يقومون بالتصوير بهواتفهم، وآخرين يصورون بالكاميرات، لكن يبدو أننى أول من نشر الصور.

كنت قد تحدثت مع صديقة فى الهاتف أنى أعتقد أن الجثث قد مرّ عليها أكثر من يوم لشدة انتفاخها، لأن هذه ليست المرة الأولى التى أناظر فيها جثامين لموتى مر عليها أكثر من يوم، فقد اعتدت ذلك من بعد يناير 2011، ولكني لم أنشر ذلك حتى لا أحدث بلبلة، خاصةً أننا كنا فى انتظار طبيب قادم من طرفنا لرؤية الجثث وإفادتنا. وبعد ذلك علمت من محمد أخو شريف ووالده أنهم قد قاموا بزيارة شريف فى محبسه فى قسم مصر الجديدة عصر يوم السبت 17 أغسطس، أى أنه فى كل الأحوال لم يمض على وفاته 48 ساعة، فأرجعت الانتفاخ الشديد لارتفاع درجة الحرارة، خاصة وأن الجثث لم توضع بثلاجة منذ وفاتها وحتى بعد وصولها للمشرحة.

حضر الطبيب القادم من طرفنا لكننا لم نستطع دخول المشرحة مرة أخرى بسبب الموظفين والبلطجية، وكان من الصعب رؤية ما تبقى من الجثامين فكان قد تم تسليم 32 جثة لأهاليهم ولم يتبقّ سوى 5 آخرين رفض ذويهم استلامهم لاعتراضهم على التقرير طبقاً لكلام الموظف المسئول عن إنهاء الإجراءات بالمشرحة.

نشر حساب الحرية العدالة على تويتر نقلاً عني الصور التى نشرتها، وقام بتجميع الصور التى نشرتها وإعادة نشرها مجمعة، وعلق عليها ب (مذبحة ثم محرقة) فأرسلت إليهم أنى قد نفيت طبقاً لشهادتى أنى رأيت آثار طلق نارى أو حروق فى الجثث. فقاموا بنشر تنويه بأنى مصدر الصور فقط، وأن التعليق خاص بصفحتهم طبقاً لرواية المحامى على كمال عضو نقابة الصحفيين.

هذا ما رأيته، والله على ما أقول شهيد.رحمك الله يا شريف وتقبلك فى جنته، فإنى أُشهد الله أنى لم أعهدك إرهابياً ولا متطرفاً، ولم أرى منك إلا التواضع ودماثة الأخلاق، وحبك للعلم

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>