من فك الحصار إلى تحرير الشهباء

نشر سابقًا في مصر العربية. 9 أغسطس 2016

في صيف هذا العام 2016، تمر أربع سنوات كاملة من الكر  والفر بين قوات النظام من جهة، والفصائل الثورية والجهادية من جهة أخرى في مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية.
فمنذ صيف 2012، نجح الثوار في السيطرة على الجزء الشرقي من المدينة. ومنذ ذلك التاريخ، أصبحت حلب الشرقية تعرف بحلب المحررة. ومنذ ذلك التاريخ كذلك، لم تهدأ براميل الموت الأسدية، والتي شاطرتها بعد عامين طائرات القصف الروسية، لتلحق الدمار والخراب بحلب الشرقية المحررة، وتوقع القتلى من المدنيين كل يوم.
كان لأربع سنوات أن تمر حتى تقوم قائمة تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو 2014،  وحتى تشتعل المعارك الصغيرة الجانبية بين الفصائل الثورية والجهادية. ثم يكون تنظيم الدولة ذريعة للتدخل الروسي الذي ما فتئ يرهب سكان حلب المحررة، حتى يقتل منهم ما استطاع، ويدفع الناجين للفرار بحياتهم وحياة أطفالهم من المدينة. ويكون كذلك ذريعة لقصف التحالف الدولي لمناطق تنظيم الدولة، ومناطق جبهة النصرة سابقًا وتنظيم فتح الشام حاليًا، وهي المناطق المتداخلة بينه وبين غيره من الفصائل التي تصنفها الولايات المتحدة بالمعتدلة.
وحين تعلمت الفصائل المتقاتلة الدرس، وعلمت ألاّ نصر سيأتي مع التناحر الداخلي، وأنّ براميل الموت الأسدية ستستمر في اقتناص أرواح الضحايا في أسواقهم وبيوتهم ومساجدهم، طالما هم في تناحرهم مستمرين. حينها، اتخذت جبهة النصرة في 28 يوليو الماضي أهم قرار في صالح الثورة في هذه اللحظة، وهو قرار فك الارتباط عن تنظيم قاعدة الجهاد. وهو القرار الذي عنى أن الجهاد السوري سيلتقي مع الثورة السورية في الهدف المحلّي. وأنّ فصائل الجهاد هدفها إسقاط النظام بالضبط كما هو هدف فصائل الثورة.
وما إن أعلن عن قرار إنهاء “النصرة” وتكوين “فتح الشام” حتى بدأ “جيش الفتح” بمكونه الأكبر من جبهة فتح الشام فيما سمّي بمعركة “فك الحصار عن حلب” التي تطورت في أيام قليلة إلى “ملحمة حلب الكبرى”.
وطوال هذا الأسبوع، ونحن نراقب المعارك عن قرب، ونكاد لا نصدق أن الحصار الذي فرضته الميليشيات الأسدية والشيعية على حلب الشرقية المحررة طوال الأسبوعين الماضيين، والذي كان ينذر بنذير شر أن تتحول حلب إلى حمص، من الممكن أن يكسر في خلال عدّة أيام.
ففي السبت الماضي، 6 أغسطس، اشتعل تويتر ابتهاجًا ليس فقط لكسر الحصار، وإنما لتمكن جيش الفتح من اقتحام حي الراموسة، والاستيلاء على مدرسة المدفعية، وغنيمة ما فيها من معدات وذخائر. وهو النصر العسكري، الذي قد يحول الحسابات العسكرية لصالح الثوار والمجاهدين في الأيام القادمة.
مدرسة المدفعية ليست مهمة عسكريًّا فقط، وإنّما لها أهمية رمزية وتاريخية، فقد كانت هذه المدرسة موقع معركة حدثت فيما يسميه السوريون “ثورة الثمانين” وهي الثورة التي تزعمها تنظيم الطليعة المقاتلة، والتي أخمدها نظام حافظ الأسد في حينها، وعذّب وقتل قوادها: مروان حديد، عدنان عقلة، وإبراهيم اليوسف. وعلى اسم هذا الثائر الأخير، سمّى الثوار والمجاهدون اسم المعركة الدائرة الآن: “غزوة إبراهيم اليوسف” والتي تطمح ليس فقط إلى ضمان فك الحصار، وتحرير مواقع استراتيجية أخرى، وإنّما إلى تحرير مدينة حب بالكامل، وهو الأمر الذي يبدو عسيرًا حتى هذه اللحظة.
فلترينا الأيام القادمة ما المصير الذي ينتظر الشهباء، والذي قد يكون فاصلاً في مصير الثورة السورية!

Submit comment

Allowed HTML tags: <a href="http://google.com">google</a> <strong>bold</strong> <em>emphasized</em> <code>code</code> <blockquote>
quote
</blockquote>